لا تقتصر القيادة على وضع الاستراتيجيات والخطط، بل تصوغ النسيج الثقافي للمؤسسات. وحين تسود الممارسات الإدارية المسيئة، تتحول الأخطاء الفردية إلى أنماط متجذّرة تضعف الكفاءة، وتقوّض الثقة، وتضر بالشرعية. وغالبًا ما يتجاوز أثرها جدران المؤسسة ليطال العملاء، والشركاء، ومقدّمي/ات الخدمات، والمجتمعات.
🌪 تجاهل الأذى بسبب الأداء
عندما تبرر القيادة السلوكيات المسيئة بحجة أن أصحابها أو صاحباتها يؤمّنون التمويل أو يلتزمون بالمواعيد، فإنها ترسّخ معيارًا مزدوجًا يعتبر الأداء أهم من العدالة. هذه الممارسات تنشر رسالة واضحة مفادها أن حماية المؤسسة أهم من حماية أفرادها.
أمثلة:
تجاهل سلوك متنمّر/ة لأنه/ا بسبب تأمينهم التمويل.
التغاضي عن قضايا تحرّش لأن المعتدي/ة ينجز/تنجز المهام في الوقت المحدد.
عدم التعامل مع الاستقواء لأن الموظف/ة الوحيد/ة الذي/التي يتقن/تتقن لغة المموّلين يُعتبر ضروريًا.
🤐 إرساء ثقافة الصمت
التقليل من شأن النقد البنّاء أو اعتباره معرقلًا يخلق ثقافة صمت. ومع مرور الوقت، يتوقف العاملون والعاملات عن التعبير، وتفقد المؤسسة قدرتها على التعلّم والتطوير.
أمثلة:
التعامل مع الآراء المختلفة على أنها غير واقعية ومعطّلة لمسار العمل.
وصف الخلافات بين الزملاء/الزميلات بأنها هامشية بدلًا من البحث في أسبابها ومعالجتها.
🛑 تعزيز الهرمية الإقصائية
عندما يتركّز القرار بيد قلة، تُستَبعد أصوات أخرى، وتُعزَّز الهرميات الإقصائية على حساب العدالة والمشاركة. النتيجة بيئة يسودها الخوف بدلًا من التعاون.
أمثلة:
الاستبداد في صنع القرارات وتوزيع السلطة.
إقصاء أشخاص من فئات مهمّشة من فرص التوظيف.
نشر الشائعات أو إهانة الزملاء/الزميلات لإضعافهم/ن.
🔥 إنتاج ثقافة اللوم
ثقافة اللوم تُحوّل الأخطاء إلى وصمة شخصية بدلًا من اعتبارها فرصًا للتعلّم. بهذا تُخفى المشكلات الجذرية ويُعاقَب الأفراد بدلًا من إصلاح الأنظمة.
أمثلة:
تحميل فرد/ة واحد/ة فشل مشروع كامل.
معاقبة شخص/ة على خطأ سببه خلل في الإجراءات.
اعتبار الخطأ نقطة سوداء في المسار المهني بدلًا من فرصة للتطوير.
⚖️ تقويض العدالة والرعاية
القيادة المسيئة لا تعكس القيم التي ترفعها المؤسسة في خطاباتها. وحين تغيب العدالة داخليًا، يصعب أن تُقنع المؤسسة شركاءها ومجتمعاتها بأنها تمثل قيم المساواة.
أمثلة:
المحاباة في التعيين أو الترقية.
غياب الشفافية في توزيع الموارد.
بناء الرؤية المؤسسية على أجندات المموّلين والمساهمين-ات لا على احتياجات المجتمعات.
🌱 إعادة توجيه الثقافة بالقيادة المسؤولة
القرارات القيادية هي تدخلات ثقافية. فهي تحدد من يملك/تملك الصوت، وكيف تُدار السلطة، وما إذا كانت آليات المساءلة تعمل بالفعل. القيادة المسؤولة تتطلب:
ترسيخ أنظمة شفافة ومتسقة للمساءلة.
اعتبار الرعاية مسؤولية جماعية.
النظر إلى التنوع باعتباره قوة لا عبئًا.
بناء ثقافة تعلّم تُحوّل الأخطاء إلى فرص للتحسين.
🌍 الثقافة كممارسة للسمعة الحسنة
الثقافة المؤسسية لا تبقى داخل المؤسسة. فالعملاء، والشركاء، ومقدّمو/ات الخدمات، والمجتمعات يلمسونها مباشرة. ثقافة الصمت واللامساواة تعني خدمات ضعيفة وشراكات هشة وتراجعًا في السمعة. أما الثقافة القائمة على العدالة والرعاية، فتعكسها الموثوقية والنزاهة والقيمة.
سوء القيادة ليس مجرد ضعف إداري، بل عبء يهدد الأثر والمكانة. أما القيادة المسؤولة فتجعل الثقافة أصلًا مؤسسيًا: أساسًا للكفاءة والشرعية والتغيير المستدام.
تواصلوا معنا
لديكم أسئلة؟ أفكار؟ رغبة في التعاون؟ نحن هنا ونحب أن نسمع منكم، فلا تترددوا في مدّ جسور التواصل!