Large Image Medium Image Small Image

انعكاسات من المركز حول الأثر، والسرية، والسلطة، وأشكال الأذى التي تتغافل عنها المؤسسات

لا تزال الحماية في العديد من المؤسسات محصورة داخل وحدة متخصصة، أو ضابط حماية، أو نقطة اتصال، أو قسم محدد. ورغم أهمية هذه الأدوار، فإن التعامل مع الحماية بوصفها وظيفة منفصلة بات يشكّل عائقًا كبيرًا أمام المساءلة المؤسسية.

الحماية ليست مجزد قائمة إجراءات تقنية.

إنّها التزام حوكمي يحدد كيفية ممارسة السلطة، وكيفية تفسير الأذى، وكيفية حماية الأفراد.

وحين تُعزل الحماية بدل دمجها في منظومة الحوكمة المؤسسية، تتغافل المؤسسات عن الأبعاد العاطفية والعلاقاتية والنظامية للأذى، خصوصًا تلك الانتهاكات التي لا تندرج ضمن الفئات الجنسية الضيقة، لكنها تظل عميقة التأثير وطويلة الأمد.


🌱 على الحماية أن لا تكون محدودة بالمخالفات الجنسية

ما زالت الحماية، في قطاعات عديدة، مرتبطة بشكل أساسي بالاستغلال والانتهاك والتحرش الجنسي (SEAH). هذا الفهم الضيق يؤدي إلى تجاهل أشكال متعددة من السلوكيات المؤذية، غير الجنسية، رغم عمق ضررها، وتصنيفها بدلًا من ذلك كخلافات شخصية أو مسائل تخص الموارد البشرية.

تعمل هذه الأذى عبر الديناميكيات نفسها التي تحكم الاستغلال الجنسي: السلطة، والهشاشة، وعدم المساواة، وقد تكون آثارها مدمّرة بالقدر نفسه.

أمثلة على أذى غير جنسي يتم التغاضي عنه رغم كونه جزءًا من الحماية:

  • خروقات السرية

  • الانتقام أو الإجراءات العقابية بعد الإبلاغ

  • التشهير وتقويض السمعة

  • النميمة الضارة والإقصاء الداخلي

  • الإشراف القسري أو التخويف الإداري

  • إساءة استخدام السلطة في توزيع الأعباء أو العقود أو الترقيات

  • عنف اجتماعي على مستوى المجتمع نتيجة التسريبات الداخلية

هذه الممارسات قد تؤدي إلى:

  • تدمير السمعة ومصادر الرزق

  • اضطراب نفسي طويل الأمد

  • إسكات الناجين وردع الآخرين عن الإبلاغ

  • خلق بيئة خوف وعدم استقرار داخل المؤسسة

إذا كانت الحماية تهدف فعلًا إلى صون كرامة الأفراد وسلامتهم، فيجب الاعتراف بهذه الانتهاكات كقضايا حماية، لا معاملتها كمشكلات إدارية عابرة.


💜 لماذا يُعدّ الانتباه إلى "الأثر" أمرًا أساسيًا؟

النظام الذي يزعم أنه "مرتكز على الناجين/الناجيات" لا يمكنه تقييم الأذى وفق نوعه فقط.
بل يجب أن يفهم كيف يؤثر هذا الأذى في الشخص، عاطفيًا، اجتماعيًا، نفسيًا، وماديًا.

يشمل الأثر:

  • كيف يُختَبَر الانتهاك ويُشعَر به

  • كيف يؤثر في الهوية والثقة والقدرة على الفعل (الوكالة)

  • كيف تشكّل مشاعر الخوف أو العار أو الغضب أو الهشاشة قرارات الفرد

  • كيف تغيّر الخسائر المادية أو المعنوية مسار حياة الشخص

يمكن لشخصين أن يتعرضا للحادثة نفسها، لكن تأثيرها عليهما يختلف جذريًا تبعًا للموقعية، درجة المخاطر، العلاقات السلطوية، أو التجارب السابقة.

تجاهل الأثر يؤدي إلى استجابات ميكانيكية لا تلبي احتياجات الناجين والناجيات، بل قد تعمّق الأذى.

لكي تكون الحماية مرتكزة فعلًا على الناجين والناجيات، يجب أن تسأل:

  • ماذا فعل هذا الأذى بهذا الشخص؟

  • ما هي الآثار العاطفية والاجتماعية التي يواجهها؟

  • كيف يؤثر هذا على قدرته على التحدث، أو الفعل، أو طلب الدعم؟

  • ما هي أشكال الوكالة المتاحة أو المقيدة أمامه؟

إن الحماية المرتكزة على الناجين تستلزم فهم أثر الأذى كما يُعاش ويُشعَر به، لا فهم الحادثة فحسب.


⚠️ خروقات السرية بوصفها أذى

تعد خروقات السرية من أكثر إخفاقات الحماية ضررًا، وغالبًا ما يُنظر إليها بوصفها أخطاء إدارية، بينما هي في الواقع أفعال تعرّض الأفراد لمخاطر جسيمة ودائمة.

قد يترتب على خرق السرية:

  • الانتقام من قبل الزملاء والزميلات أو المديرين والمديرات أو الشركاء

  • التشهير والاستهداف الاجتماعي

  • الإقصاء من الفرق أو الشبكات المهنية

  • فقدان العمل أو انخفاض الفرص المهنية

  • عداء مجتمعي، خصوصًا في البيئات الصغيرة أو المتوترة سياسيًا

  • صدمات نفسية ومشاعر الخوف والعزلة

تشكل هذه الآثار أذى كبيرًا، وليس مجرد ثغرة إجرائية.

غالبًا ما تعيد خروقات السرية إيذاء الضحايا وتُسكت فرقًا بأكملها، مما يقوّض الثقة في أنظمة المؤسسة.

تتطلب الحماية الفعّالة وجود تدابير سرية راسخة ومطبّقة باستمرار، تُقدّم السلامة على السمعة المؤسسية.


🧩 يجب دمج الحماية ضمن الحوكمة المؤسسية

لا يمكن الاستعانة بفريق واحد للقيام بالحماية. لا بد أن تكون جزءًا من كل قسم وكل وظيفة في المؤسسة.

يتطلب ذلك دمج مبادئ الحماية ضمن:

  • تصميم البرامج وتنفيذها

  • سياسات الموارد البشرية والتوظيف وإدارة الأداء

  • أنظمة المتابعة والتقييم والمساءلة والتعلم (MEAL)

  • ممارسات القيادة والثقافة المؤسسية

  • بروتوكولات الاتصال وحوكمة البيانات

  • إدارة الشراكات والتدقيق المسبق

  • كل قسم قادر على إنتاج الأذى أو منعه.

تصبح الحماية مجدية فقط حين تُفهَم باعتبارها مسؤولية حوكمية جماعية، لا مهمة قسم محدد.


💡 أسئلة أساسية للمؤسسات

لكي تُنشئ أنظمة أكثر أمانًا ومساءلة، ينبغي على المؤسسات ترسيخ ممارسات تأملية نقدية. هذه الأسئلة يمكنها توجيه القادة والفرق:

فهم الأذى والأثر:

  • ما هي الآثار العاطفية أو الاجتماعية أو المادية التي يمر بها المتعرضون والمتعرضات؟

  • ما المخاوف أو المخاطر التي تحدّ من قدرتهم على التحدث أو طلب المساعدة؟

  • كيف يؤثر هذا الحادث على خياراتهم ووكالتهم؟

المعرفة والتفسير:

  • من يحدد السردية السائدة؟

  • ما التجارب التي يتم تهميشها أو تجاهلها؟

  • كيف قد تشكّل الافتراضات والتحيزات استجابات المؤسسة؟

السلطة واتخاذ القرار:

  • من تحميه السياسات الحالية، ومن يُترك هشًا؟

  • كيف يمكن للتعامل السيئ مع المعلومات أو السرية أن يعرّض الأفراد للأذى؟

  • هل تسمح أنظمتنا بشكل غير مقصود بالانتقام أو الإقصاء؟

الممارسة والتنفيذ:

  • هل تُصمَّم الاستجابات مع المتأثرين والمتأثرات بها، لا نيابة عنهم؟

  • هل نتعامل بجدية واتساق مع أشكال الأذى غير الجنسي؟

  • هل تتوافق ممارساتنا مع قيم العدالة والحماية التي نعلنها؟


✳️ الحماية بوصفها ممارسة حوكمية

الحماية ليست تدخّلًا يُفعَّل عند وقوع الأذى؛ بل هي ممارسة مؤسسية مستمرة قائمة على الأخلاق والعدالة والرعاية والمساءلة.

تتطلب الحماية أن تتجاوز المؤسسات قراءة الحوادث منفردة، وأن تفحص البيئات والثقافات وديناميكيات السلطة التي تسمح بوقوع الأذى في المقام الأول.

السؤال الجوهري يصبح:
ليس فقط "ماذا حدث؟" — بل "ما الذي مكن ذلك من الحدوث هنا؟"

هذا الانتقال من الحماية الإجرائية إلى الحماية التأملية يعزز الثقة والشفافية والمصداقية المؤسسية.


🌍 في المركز

نعمل مع المؤسسات لـ:

  • دمج الحماية ضمن الحوكمة والثقافة المؤسسية

  • معالجة الأذى العاطفي والعلاقاتي والاعتباري

  • تعزيز السرية ومنع الانتقام

  • الاعتراف بالسلوكيات غير الجنسية بوصفها انتهاكات حماية

  • بناء أنظمة قائمة على الرعاية والعدالة والمساءلة

📩 تواصلوا معنا لاستكشاف كيف يمكن لـ CTDC دعم مؤسستكم في بناء أنظمة حماية أكثر نزاهة، وأمانًا، ومسؤولية.

 

تواصلوا معنا

لديكم أسئلة؟ أفكار؟ رغبة في التعاون؟ نحن هنا ونحب أن نسمع منكم، فلا تترددوا في مدّ جسور التواصل!

"

"